الأيام السودا

تقول طيب الله ثراها وبشبش الطوبة اللي تحت راسها “حنا أرندت”:  “ان استخدام العنف تكون ذات جدوى في تحقيق اهداف قصيرة المدى، الا ان خطر العنف حتى لو تحرك بشكل واع ضمن

دي ايام سودا

دي ايام سودا

اطار غير متطرف متعلق بالأهداف قصيرة المدى سيكمن على الدوام في واقع ان الوسيلة تغلب الغاية، فاذا لم تتحقق الغاية بشكل سريع لن تكون النتيجة فقط هزيمة التحرك كله، بل ادخال العنف كجزء لا يتجزأ من الجسد السياسي ككل، فالعودة الى الوضعية السابقة على ممارسة العنف امر غير مرجح على الدوام، فممارسة العنف يمكن ان تغير العالم، ولكن التغير الاكثر رجحانا يكون في اتجاه عالم اكثر عنفا.”

السيسي في اعتقادي كان مدرك بدرجة كبيرة حدود استخدام العنف من جانب الدولة ضد انصار الشرعية والرز ابو شعرية من يوم 3 يوليو لحد يوم فض اعتصامي رابعة والنهضة، ويبدو ان كلام على الرجال بخصوص ان الداخلية هيا اللي هاتفشخ سيادة المشير فريق اول لواء اركان حرب عبفتاح الصيصي – بسبب البقرة اللي اسمها محمود ابراهيم اللي اخره يشتغل شيخ غفر بلدنا ويبقى شيخ غفر فاشل كمان – صحيح، اعتقد ان غباء محمد بيه ابراهيم ابو شخة وزير الداخلية (بتاع الاسلحة الثقيلة اللي مأمنة الاقسام والسجون) وغباء ابونا حازم المندلاوي كان ليها الغلبة، على دهاء السيسي.

سيادة المشير فريق اول لواء اركان حرب عبفتاح الصيصي كان حاسبها صح، سابهم يلعبوا في رابعة والنهضة براحتهم (ده مش تبرير للإجرام اللي حصل ده، دي محاولة للوصف والفهم مش اكتر)، ويوم ما كانوا بيخرجوا عن حدود مدينتهم الفاضلة في رابعة والنهضة كان بيتم التعامل معهم في حدود ما يراه سيادة المشير فريق اول لواء اركان حرب عبفتاح الصيصي انه رادع لهم، وفي اطار استخدام محسوب بالعنف، وده خلي الاخوان يتراجعوا عن المسيرات الليلية وتجنب المنشأت العسكرية، والكلام ان قبل الفضل كان فيه مفاوضات جادة ان الاخوان يمشوا نص المعتصمين في رابعة والنهضة، ومنع اي مسيرات خارج حدود الجيتوهين دول بيأكد ان استراتيجية سيادة المشير فريق اول لواء اركان حرب عبفتاح الصيصي في استخدام العنف المحسوب (لا علاقة هنا باخلاقية استخدام العنف وانما معدل محسوب بمنطق الحرب والصراع بين الطرفين) كانت ناجحة، وكانت الحكاية كلها ها تاخد اسابيع او حتى ايام وينتهى الاعتصامين ويا دار ما دخلك شر، ويرجع الاخوان لحضن الدولة تاني، ويعيش الاتنين دور العشاق اللي بيعملوا حاجات وحشة مع بعض بالليل في الحارة المزنوقة بتاعت الشيخ حنفي شيخ الصياديين مرسي حامي الشعرية برقبته وبدمه، واول ما يطلعوا في الوسع والبراح ولا كأنهم يعرفوا بعض، وممكن كمان يمثلوا انهم بيضربوا بعض.

ولكن حكومة المؤخرة المرتعشة بتاعت المندلاوي وابو شخة وزير الداخلية اللي مش عارف وشه من قفاه، ما عجبهاش ان الناس تقول عليهم حكومة المؤخرة المرتعشة،  وحبوا يعملوا فيها رشدي بتاع فيلم “شيء من الخوف” – لما خد البغلة بتاعته وطلع على الدهاشنة عامل فيها السبع رجالة يقولهم هاتوا الاتاوة احسن هافشخكم انا اجدع من عتريس واهل البلد علموا عليه ورقعوه العلقة التمام، المندلاوي وابو شخة وشوية الوزرا البغال اللي زي وزير التموين ضيعوا شقى عمر سيادة المشير فريق اول لواء اركان حرب عبفتاح الصيصي باتخاذ قرار فرض اعتصام رابعة والنهضة وقتل مالا يقل عن 1000 واحد في اليوم ده.

لحظة الفض كانت لحظة فارقة لأنها حولت تيكتيك استخدام العنف (خليكم في رابعة والنهضة واللي هايطلع ها ياخد على دماغه)  من تحقيق اهداف قصيرة المدى  متعلقة بترويض الاخوان واعادتهم للعب دور العشيق للدولة وسلطتها واجهزتها، الى استراتيجية لتحقيق هدف اكبر بعيد المدى ومستحيل التحقيق وهو القضاء على جماعة الاخوان المسلمين، واللي تم الاعلان عنه رسميا بالقرار الخايب اللي مالوش اي لازمة باعتبارها جماعة ارهابية، المندلاوي اكتشف الخطأ الكبير اللي عمله هو وحكومة المؤخرة المرتعشة وصرح كذا تصريح بيتفهم منهم ان دول مش ارهابيين اوي دول ارهابيين نص نص وحاجات بالمعنى ده، بس الوقت كان فات على التراجع، لان هيبة الدولة كما يفهما شوية البقر الدولتيين هاتبقى على المحك، مش مهم وجود الدولة ذاتها المهم ان الناس تعرف وتشوف ان الدولة قادرة تبطش وتموت وتقتل عشرة وعشرين والف كمان لو تطلب الامر.

وهنا بقى المصيبة اللي شوية البهايم في الحكومة ومن يعرصون لهم في التليفزيون والصحافة غير قادرين على استيعابها، هما فاكرين انهم لو قتلوا النص مليون اخوان زي ما لاميص الصفيحي قالت الدنيا ها تبقى زي السكينة في الزبدة، وهيبة الدولة ترجع تاني والداخلية ترجع تبلطج على دين اهالينا والناس هاتسكت والعيشة تبقى فل زي ايام حبيب العادلي ومبارك، بس للاسف مش ده اللي حصل ولا ها يحصل، الحقيقة دلوقتي زي ما ست الكل ارندنت بتقول انك يا حمار يا بغل  حولت العنف من وسيلة لتحقيق هدف معين على المستوى القريب لغاية في حد ذاته، واصبح منطق مش بس الاخوان لا كل من تمارس الدولة عليهم بلطجتها دلوقتي “ضربوا الاعور على عينه، قال خربانة خربانة” انا كده كده يا مقتول يا متعور يا مشلول يا عندي عاهة مستديمة، فا عليا وعلى اعدائي.

اذا كنا بنتكلم عن اعضاء الاخوان المسلمين بس اعتقد ان غالبية الاسر الاخوانية دلوقتي فيها ياما قتيل يا اما جريح يا اما معتقل يا حد طاله غباء وزير الداخلية ابو شخة، ما تقدرش تقوله دلوقتي تعالى يا حلو نقعد بقى نتفاهم وننسى اللي فات، قيادات الجماعة ممكن في لحظة من اللحظات تعمل كده، بس عملية الراديكاليزاشن Radicalization اللي حصلت وبتحصل لقواعد كتيرة وواسعة من المنتمين لتيار الاسلام السياسي او حتى المتدنيين العاديين او ناس عادية شافت كمية دم غير طبيعية خلال حوالي 6 شهور مش هتقف بسهولة، وخطورتها كبيرة اوي على فكرة العيش المشترك جوه المجتمع، وحالة فقدان الثقة وعدم القدرة على العيش المشترك بين افراد المجتمع نتيجتها الحتمية صراع اهلي ويمكن حرب اهلية كمان، احنا يمكن نكون بدأنها فعلا، والسياسة الغبية اللي عملت كل ده مش هتقدر توقف حالة الصراع الاهلي ده او حتى تظبط ايقاعه، اللي بيعملوا المواطنون الشرفاء في مظاهرات الاخوان واللي عملوه مع مظاهرات جبهة طريق الثورة في الذكرى الثالثة للثورة بالتعاون مع الشرطة بيقول لكل واحد جوا جمجمته فردة بلغة احنا رايحين فين، بس الدولة الوسخة ووزير داخليتها ابو شخة لسه بيكابروا.

الحل ايه بقى هو لحطة تأسيسية جديدة لهذا المجتمع تقوم على عقد اجتماعي جديد بين السلطة والمجتمع، عقد يضع للسلطة حدود واضحة لسلطتها ومجال ممارسة هذه السلطة، عقد يحترم ادمية الانسان ويحفظ كرامته ويحترم حقه في الحياة، عقد ويمكن المواطن بصورة فعالة من المشاركة في صنع القرار وترشيد سلوك السلطة، من خلال أطر مؤسسية فعالة، مبنية على قواعد واضحة للجميع ومقترنة بنظام للعقاب الصارم في حالة تجاوزها، ازاي بقى نوصل للحظة دي؟ الله اعلم لكن الاكيد ان الطريق مش سهل، وغالبا ها نفضل نشوف دم تاني وتالت ورابع و…..

كل اللي انا اقدره في الختام هو اعادة ترديدة ايقونة المستقبل الجديدة وافضل من تنبأ بهذا الخراء اللي احنا فيه “ان دي ايام سودا بقولكم ايام سوداااا