اشراف دولي ليه؟

انا ما عنديش اعتراض على الاشراف الدولي على الانتخابات، بس مش عارف ليه مش مستريح لبيان الجمعيات الحقوقية ورفضها لرفض المجلس العسكري الاشراف الدولي، انا بسأل ليه الجمعيات دي عايزة اشراف دولي؟ هل مش الاهم ان الجمعيات دي تضع آلية محكمة تمكنها من الاشراف الجاد على كل مراحل العملية الانتخابية بدل ما تدخل في معركة هامشية حول اشراف دولي من عدمه؟ هل الجمعيات دي مش هتقدر تراقب الانتخابات من غير مساعدة دولية، وخلينا نكون صرحاء، هل الرفض ده عشان التمويل اللي بيتقدم من مؤسسات دولية لمساعدة هذه الجمعيات على اعداد المراقبين؟ نحن اولى واحرص على انتخاباتنا

عفواً… هؤلاء ليسوا حزب الكنبة


بداية أسجل اعتراضي على الدلالات والمضامين السلبية التي تحملها عبارة حزب الكنبة، حينما نستخدمها لوصف من يجلسون في بيوتهم غير فاعلين في الشأن العام، اللهم إلا متابعته عبر وسائل الإعلام، لماذا نتوقع أن يكون كل الشعب ناشط سياسياً؟ هل المنطق يقول أن كل الشعب لابد أن يكون طليعة مثقفة، أو يكون كله مسييس ملون بألوان الأفكار والأيديولوجيات المتصارعة؟ هل المطلوب أن يكون الجميع في الشارع يهتف ويرفع اللافتات والمطالبات؟
من بين أهل الكنبة آبائنا وأجدادنا، الذين فقدوا بحكم الزمن حماسة الشباب – التي قادت الثورة، واغلبهم يريد أن يعيش اليومين اللي فضلينلوا في الدنيا في سلام نفسي، هؤلاء بحكم السن فقدوا إرادة التغيير، بعد اعتيادهم لسنوات طويلة على حياة سياسية راكدة متجمدة، فهم يرون أن أيامهم معدودة في هذه الدنيا، لذلك عقولهم لا تتقبل فكرة الصراع، التي تتضمنها كل تجارب التغيير الكبرى – مثل تلك التي تشهدها مصر الآن، فهم يفضلوا على هذا الصراع بعضا من الهدوء ينعموا به قبل أن يفارقوا هذه الدنيا.
هؤلاء هم الفقراء الذين يعيشون يوما بيوم لا يهمهم ولا يعنيهم من الشأن العام إلا ما يعينهم على قوت يومهم، فالثورة بالنسبة لهم فرصة لتحسين ظروفهم المعيشية، فإذا لم تنجح في هذا الهدف، فسوف يلعنوا الثورة. هؤلاء عندما يروا حكومتهم ورئيس وزرائها – الذي استمد شرعيته من ميادين الثورة في ربوع مصر – يفشل هو ووزير ماليته في كسر شوكة رجال الأعمال، فتتراجع الحكومة عن فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية، هذه الأرباح الخيالية التي يجنيها الأغنياء يوميا سواء كانت هناك أزمة أو لم تكن، فالأرباح دائما ما تعرف طريقها إلى أرصدتهم في البنوك. فلم تجد الحكومة إلا الفقراء لتركن عليهم وتستخدمهم كبش فداء لسد العجز في الموازنة، فتلغي الزيادة التي كانت مقررة لأصحاب المعاشات، وتخفض الحد الأدنى للأجور من 700 إلى 684.
حزب الكنبة هم من تركهم نظام مبارك فريسة للجهل والأمية فنجح في تزييف وعيهم، هؤلاء يملئون القرى والنجوع والكفور، همهم الأول والأخير هو أرضهم التي يفلحونها، يبذرون البذرة، ويتعهدونها بالرعاية والاهتمام حتى تكبر فيجنى الثمرة، ليبيعها في موسم الحصاد ليجنى دخلا موسميا يعيش عليه بقية العام، انتظارا للحصاد القادم، فهذا الجالس بجوار زرعته، تلك هى حياته التي ولد فوجد نفسه جزءً منها وهي جزء منه، لا يلقى بالاً كثيرا لمسائل الدستور أولا أم الانتخابات أولا، ولكن ما يهتم به – بحكم حياته البسيطة هذه – ما يمس حياته مباشرة رغيف الخبز، أنبوبة البوتجاز، البذور التي يستخدمها في زراعة أرضه، السماد الذي يستخدمه في رعاية أرضه، وأن تتسلم الحكومة محصوله في موسم الحصاد، وكل هذا لا ينفي عنه صفة الإدراك لما يجري حوله، أو أن فهمه قاصراً كما صورت لنا نخبتنا (اللي هى نكبتنا) بعد الاستفتاء، وانه غير مجهز بعد للتعاطي مع ديناميات تفاعلات العملية الديمقراطية، يسهل اقتياده كما يقود الراعي قطيع الغنم، بزجاجة زيت وكيس سكر وشيكارة أرز.
ليس ذنب هؤلاء أن منحى حماسهم للثورة يصعد ويهبط مع تطور سخونة الأحداث، ولكنه ذنب نخبة (نكبة) المجتمع التي شغلت نفسها وشغلتنا بمعارك وهمية. وذنبنا نحن الشباب لأننا فشلنا في أن نتواصل معهم، وأخذتنا حماسة الثورة التي تحولت دون أن ندري في أحيان عدة إلى حمق ثوري. باختصار اللي أيده في الميه مش زي اللي أيده في النار.
وهو أيضا ذنب العاصمة (القاهرة) التي طلبت منها أستاذتنا الدكتورة هبة رؤوف أن تتخلي عن مركزيتها كبريائها وغرورها، حين تنظر إلى باقي أقاليم المحروسة، على القاهرة وقاطنيها، وعلى سكان الحضر والمدن أيضا أن يتخلوا عن تعاليهم على أهل قرى ونجوع وكفور مصر العظيمة، فبهؤلاء وعلى أكتافهم بنت مصر نهضتها وحضارتها قديماً وفي العصر الحديث، وبدونهم لن تشرع مصر في مشروعها ونموذجها الحضاري الجديد بعد الثورة.
علينا أن ننزل إلى هؤلاء نتعاطى معهم نرى كيف يعيشون، ونجرب ولو لساعات قليلة عيشتهم ونضع أنفسنا مكانهم، لنعرف كيف يفكرون؟ وماذا يريدون؟ وما هى السياسة بالنسبة لهم؟ فهؤلاء هم وقود الثورة الحقيقي، وهم القادرون على إيصالها إلى بر أمانها بتحقيق مطالبها، إذا أردنا بالفعل أن تصل، لا أن نتصارع ونتعارك حول من تكون له صدارة المشهد القادم، ومن سيحقق مصالحه، التي يرى أنها يجب أن تكون خَصماً من مصالح الأطراف الأخرى.
يجب أن يكون صراعنا وهدفنا هؤلاء الذين يحلو للكثير منا مناداتهم بـ حزب الكنبة، لان هؤلاء نحن من اخترنا لهم الكنبة ليجلسوا عليها ليشاهدوا مصارعة ديكة قميئة وسخيفة.